Crónica internacional

الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية (*)

تقديم:

كثفت سلطات الاحتلال الصهيوني خلال هذه السنة من تجييشها لبعض الموتورين المغاربة واستدعائهم لزيارة فلسطين المحتلة وتلقينهم الخطاب الصهيوني المناوئ للفلسطينيين وارادة تحرير بلدهم. ففي أقل من شهرين سافرت ثلاثة وفود شبابية مغربية، أغلبهم محسوبين على الأمازيغيين المتطرفين، ولا زال الوفد الثالث في الأراضي المحتلة. ومن أهم النقط في برامج الزيارة قضية ما يسمى بالمحرقة. ولتفسير هذا الموضوع نقدم الدراسة التالية:

يعتبر مؤلف هدا الكتاب، المسلم من أصل فرنسي، روجيه غارودي.  مر بثلاث مراحل وعاش المسيحية ثم الالحاد ثم الاسلام. وبسبب هذا الكتاب حوكم بفرنسا وحاول اللوبي الصهيوني سحب نسخ الكتاب لكنه لم يفلح.

(الهولوكست) كلمة يونانية الأصل تعني القربان الكامل ، وهي في الأصل مصطلح ديني يشير الى القربان الذي يضحّى به الى الخالق ويحرق بشكل كامل ولا يترك منه أي جزء لمقدم القربان ولا للكهنة ، مما يؤكد أنه يعد من أكثر الطقوس قداسة.

وقد بدأ استخدام مصطلح (الهولوكوست) في ستينيات القرن الماضي ، عندما أصدر ايلي فيزنتال كتابه (الليل ) عام 1958 . وأصبح المصطلح أكثر شيوعا بعد أن تم انتاج فيلم سينمائي باسم (الهولوكست).

منذ ذلك الوقت أصبح هذا اللفظ مقترنا بابادة اليهود على يد النازيين ،والمقصود منه الايحاء بان اليهود هم القربان المحروق  مما يعني بالمفهوم الديني انهم جماعة مقدسة . وبدأت عملية توظيف هذا المصطلح بمحاولة الصهاينة وحلفائهم وحماتهم فرض معنى ضيق له يقول بان أكبر ابادة جماعية في التاريخ هي ما اقترفه هتلر ضد اليهود في المعتقلات النازية . ومن أجل اعطاء هذه الواقعة مكانة محورية في تاريخ العالم وتاريخ أوروبا على وجه الخصوص ، صدرت عشرات الافلام والأعمال الفنية ، وعقدت عشرات الندوات والمؤتمرات ، وصدرت مئات الكتب والآلاف من الدراسات ، من أجل حفر هذه الواقعة في ذاكرة العالم باعتبارها واقعة حدثت لليهود وحدهم . وأدرجت (الهولوكست) ضمن مناهج عشرات الجامعات والمعاهد في العالم وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية ، واقيمت نصب تذكارية مكتوب عليها بالعبرية والانجليزية في واشنطن ونيويورك ولوس انجلوس وغيرها.

وأسطورة الهولوكست واقترانها باليهود جعلت الباحثين ينقسمون الى ثلاثة مدارس: 

المدرسة الأولى وهي الأوسع انتشارا ، ترى بأن الهولوكست موجّه بكامله لليهود ، وان اليهود استأثروا بعذاباته كلها ، فمن حقهم الاستحواذ على كل التعاطـف والتعويضات . المدرسة الثانية، تعترف بما جاء في رواية أصحاب المدرسة الأولى عن أعداد اليهود الذين تمت إبادتهم ، وبوجود غرف الغاز ووسائل القتل الأخرى . الا أن رجال هذه المدرسة تحدثوا عن (غير اليهود) الذين شملهم الهولوكست.

المدرسة الثالثة :تشكك في أحداث الرواية كلها بدء من رقم (ستة ملايين ) الذي يذكره أصحاب المدرسة الأولى ، مرورا بأفران الغاز، وانتهاء بالمحارق التي استخدمت في حرق الضحايا وهم أحياء .

أصحاب المدرسة الأولى التي تقصر الهولوكست على اليهود، يستهدفون تحقيق عدد من الأهداف: 

تبرير الفظائع التي ارتكبتها اسرائيل (دولة اليهود) ضد الفلسطينيين والعرب.

تبرير اغتصاب فلسطين واعتباره نوعا من تعويض العالم لليهود عما حاق بهم من(الغوييم) أي غير اليهود ، أو كما قال احد الحاخامات اليهود بان (خلق دولة اسرائيل هو رد الله على الهولوكست).)

تبرير المطالبة بتعويض الضحايا اليهود عما حاق بهم على يد (الغوييم) الأغيار . وبما ان المانيا هي التي اقترفت المذبحة فان ما قدمته لحد الآن (سبعين مليار دولار ) أقل مما يجب تقديمه كتعويضات لستة ملايين يهودي ، وبما أن العالم لم يستطع حماية اليهود من هتلر والنازية فانه مطالب بتقديم تعويضات للضحايا .

 أما أصحاب المدرسة الثانية الذين يعترفون بتعرض اليهود لجريمة الابادة على يد هتلر والنازيين ، فانهم يقولون بان ضحايا المجزرة في غالبيتهم العظمى من غير اليهود.

فهم يقولون ان معسكرات الاعتقال النازية الأولى ، بنيت خصيصا للشيوعيين الألمان الذين كان هتلر يكرههم أكثر من كراهيته لليهود ، وان زعيم الشيوعيين الألمان (تالمان) قضى في أحد هذه المعتقلات.

وهم يقولون بأن الحرب العالمية الثانية خلّفت أكثر من خمسين مليون قتيل ، منهم 17 مليون سوفياتي وتسعة ملايين ألماني وأعداد كبيرة من السلافيين والغجر والبولونيين ومن مختـلف دول أوروبا ،وحتى من الأسيويين والافارقة والأمريكيين.

أما أصحاب المدرسة الثالثة الذين يشككون في أحداث الرواية كلها ، فانهم يعارضون تكريس الرواية الصهيونية للهولوكست، ويسوقون عددا من الأدلة على صحة ما يذهبون اليه. 
فهم يقولون ان الكتاب اليهودي الأمريكي رقم 5702 الذي يغطي الفترة من 22 سبتمبر عام 1941 والى غاية 11 سبتمبر من عام 1942 يشير في الصفحة 666 الى أنه كان في أوروبا الخاضعة للاحتلال النازي ثلاثة ملايين وعشرة آلاف وسبعمائة واثنان وعشرون يهوديا فقط (3.110.722 ) بما فيهم يهود المانيا نفسها ، فكيف تتم ابادة ستة ملايين منهم ؟

ان اسحق شامير – زعيم عصابة شتيرن الارهابية الصهيونية قبل 1948 ورئيس وزراء اسرائيل فيما بعد ، والذي كانت قوات الانتداب البريطاني في فلسطين تطارده بتهمة الارهاب والتعاون مع (العدو النازي ) ، كتب يقول ( ان اكثرية المهاجرين اليهود الى فلسطين ، ليسوا بقايا من عاش بعد محرقة النازية ، بل هم يهود البلاد العربية وسكان المنطقة ) ، خلافا لما يشيعه الصهاينة.

  ويقول أبرز رجالات هذه المدرسة روجي غارودي ان تكريس الرواية الصهيونية للهولوكست يخدم أهداف الاستعماريين الغربيين وخاصة الأمريكيين الذين يعتبرون في نظر القانون الدولي (مجرمي حرب ) ،لنسيان جرائمهم الخاصة مثل مذبحة درسدن في 13 فبراير 1945 التي أهلكت خلال بضع ساعات أكثر من مئتي الف مدني بقنابل الفوسفور ، ومثل جريمتي القاء قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين لدواع سياسية وليس عسكرية ، ومثل المذابح التي تعرض لها الهنود الحمر في الأمريكيتين الشمالية والجنوبية حيث تمت ابادة ستين مليون من أصل ثمانين مليون هندي أحمر ، وتمت ابادة اكثر من مئة مليون افريقي.

وقد نجحت الصهيونية وحلفاؤها لحد الآن نجاحا كبيرا في جعل العديد من الدول الأوروبية تصدر تشريعات تقضي بتجريم كل من يحاول الوصول الى حقيقة (الهولوكست) أو يشكك فيها ، وتبع ذلك صدور قانون في الولايات المتحدة الأمريكية في أكتوبر عام 2004 يحمل اسم (قانون لتعقب معاداة السامية ). وفي فاتح نوفمبر من عام 2005 ، قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتبني الهولوكست بروايته الصهيونية ، وأصدرت قرارا ينص على (رفض أي انكار للمحرقة كحدث تاريخي ، سواء بشكل جزئي أو كلي ) ، ونص على وجوب تثقيف شعوب العالم بالمحرقة ، وكرّس يوم 27 يناير من كل عام لإحياء ذكرى ضحاياها.

وانطلاقا من هذه التشريعات ، فقد لوحق روجي غارودي بسبب كتابه ( الأساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية ) حيث صودر الكتاب ، وحكم على غارودي بالسجن ، رغم أنه أورد العديد من الشهادات لشهود عيان ومؤرخين تبطل كثيرا مما بنيت عليه الأسطورة ، وخاصة الفصل الذي يحمل (أسطورة الملايين الستة ) الذي بيّن فيه كيف تم اختراع هذا الرقم ومضاعفته الى ثمانية ملايين ، وكيف تم تخفيضه الى عدد يتراوح بين 950 ألفا ومليون ومئتي الف.

وهناك لائحة طويلة من المفكرين والباحثين والعلماء والسياسيين الذين تعرضوا للمحاكمة والسجن بسبب مخالفتهم لكل ما يروج حول (أسطورة المحرقة) وتشكيكهم فيها، بناء على القوانين التي فرضتها الصهيونية على بعض الدول الأوربية، من ضمنهم الكاتب السويسري « رينيه لويس بيركلاز » والكاتب البلجيكي « سيغفريد فيربيكيه » والمؤرخ البريطاني « ديفيد ايرفينغ » والكاتب الألماني « ارنستدوندل » وعالم الكيمياء الألماني « غيرمان رودولف »

ان تكريس الهولوكست (أكبر ابادة جماعية في التاريخ ) يخدم أهداف الاستعماريين الغربيين ، وعلى ذلك يبدو من الطبيعي ان تصدر العديد من دول الغرب قوانين تعاقب من يتعرض لأسطورة الهولوكست – نفيا أو تشكيكا . ولكن الأخطر من ذلك هو قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ، فهو وإن لم يكن يكتسي صفة الإلزام ، فانه قدّم غطاء معنويا دوليا لقوانين (مكافحة إنكار المحرقة ) التي أصدرتها بعض دول الغرب ، وهذا في حد ذاته تعزيز للتوجه السائد في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأخرى لإصدار قوانين تحد من حرية الراي والبحث العلمي .

والملفت للنظر ان كل الدول العربية والإسلامية بدون استثناء ، وافقت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة . ولعل السبب في ذلك ليس هو قناعة هـذه الدول بحقيقة الهولوكست، وانما إرضاء للدول والجهات التي تقف وراء هذا القــرار.

ولابد من التأكيد على أن اليهود قد تعرضوا لعمليات ابادة واضطهاد على يد النازيين ، ولكنهم لم يكونوا وحدهم ، ولم تكن أرقام الضحايا بهذه الكثرة التي يتحدث عنها الصهاينة . وإذا سلمنا بالرواية الصهيونية بحذافيرها ، فان معنى ذلك ان البشرية كلها تصبح مدانة بتهمة اللاسامية وكراهية اليهود ، وبالتالي تصبح البشرية كلها مطالبة بالاعتذار لليهود وتعويضهم ماديا من جهة ، والتغاضي عن كل ما تقترفه اسرائيل (دولة اليهود ) من جرائم ضد الشعب الفلسطيني ، بحيث يصبح كل نقد للممارسات العنصرية والارهابية الاسرائيلية جريمة تستحق العقاب.

(*) المصدر: برامج نت. بتصرف.

Afficher plus

Articles similaires

Bouton retour en haut de la page